Rabu, 06 Februari 2013



بحث بعنوان
الطريق إلى القدس

مشاركة في المؤتمر الدولي والذي بعنوان
نحو تحرير القدس وفلسطين

إشراف
مجموعة العمل من أجل الأقصى
مقدم من
الدكتور/ محمود هاشم عنبر
الأستاذ المشارك في قسم التفسير وعلوم القرآن
بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية ـ غزة ـ فلسطين

1433هـ - 2012مـ


بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعزَّ جنده، وهزم الأحزاب وحده، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين، وسيد المرسلين، محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.... ثم أما بعد :

تحتل القدس مكانة عظيمة ومرموقة في الإسلام، عقيدةً وحضارةً، تاريخاً وثقافة، كما تحتل مكانة سامية في قلوب المؤمنين والموحدين في شتى أصقاع المعمورة, ويمثل تحرير القدس خاصة وفلسطين عامة من دنس اليهود الغاصبين مرحلة هامة في تاريخ الحضارة الإسلامية وفي تطور المشروع الإسلامي .

والقدس مدينة مباركة شهد الله ببركتها من فوق سبع سماوات حيث يقول سبحانه: [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ] {الإسراء:1} .

والقدس هي المدينة الوحيدة التي نزل فيها قرآن يتلى خارج الجزيرة العربية في ليلة الإسراء والمعراج، حيث نزل فيها وتحديداً في المسجد الأقصى، قوله تعالى : [وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ] {الزُّخرف:45} .

كما وتنبع بركة هذه المدينة المقدسة في كونها تتشرف باحتضان أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وهو المسجد الأقصى حيث الصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم:" صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة".

وهو من المساجد التي تشد الرحال إليها بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".

كما وتنبع بركة بيت المقدس في كونها تشرفت باستضافة أطهر مخلوق سار على سطح هذه البسيطة وهو محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه الأنبياء الذين صلى بهم إماماً ليلة الإسراء والمعراج كما نالت الأرض بركة وشرفاً حين دخلها الخليفة عمر رضي الله عنه ليتسلم مفاتيحها من أميرها صفرونيوس وذلك بعد محاصرة المسلمين لها بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح، وكذلك حين دخلها القائد الفذ صلاح الدين الأيوبي فاتحاً، فتحرير بيت المقدس ليس مجرد عمل عسكري وليست المعركة القادمة والفاصلة بيننا وبين هذا الكيان الغاصب مجرد انتصار في معركة فحسب بل، هي معركة فاصلة بين حق وباطل، بين كفر وإيمان، وتحرير بيت المقدس هو شرف للأمة وانتصار لمشروعها الإسلامي الكبير، وهو يبرهن أيضاً على أنَّ أمَّة الإسلام صاحبة رسالة مقدسة وأمينة على تاريخ الأنبياء وتراثهم عامه وعلى عقيدة التوحيد خاصة باعتبارها رسالة جميع الأنبياء والمرسلين.

ويرى الباحث أن الطريق إلى القدس والأقصى يمر عبر محطات كثيرة، أذكر اهمها:  

المحطة الأولى : فهم أبناء الأمة طبيعة الصراع مع اليهود

فالطريق إلى القدس يفرض على الأمة أن يفهم أبناؤها طبيعة الصراع مع هذا المغتصب الدخيل، فصراعنا مع عدونا هو صراع عقائدي، وهو صراع بين حق وباطل، ومعرفة هذه الحقيقة من القواعد الأساسية في السياسة الشرعية للجهاد، ومعرفة العدو ونواياه ومخططاته جزء من الدفاع عن النفس من العدو أو الهجوم عليه، فاليهود يرتكزون في صراعهم معنا على عقيدتهم المحرفة حيث يعلن أقطاب اليهود في كل المحافل والمناسبات أن اليهودية عقيدة ودين وقومية وشريعة كما يقول أقطابهم: نحن لا نفعل كما يفعل العرب الذين يفصلون الدين عن السياسة، فقيادتهم العسكرية تحرص على وضع نسخة من التوراة في كل دبابة أو ناقلة جند كما يعينون على كل كتيبة عسكرية واعظاً دينياً يحضهم على قتال المسلمين وقتلهم، ويمنيهم على جرائمهم بالجنة، وأما قيادتهم السياسية فالكثير من أحزابها تتسمى بأسماء توراتية تيمناً بتوراتهم أو بأسماء زعماء دينيين اعتزازاً بدينهم، كما وتلتزم الحكومات المتعاقبة سواء كانت يمينية أو يسارية معتدلة أو متطرفة بدستور الشعب والدولة المستمد من التوراة.

كما تقوم السياسة الخارجية لهذا الكيان على عدم الالتزام بأي عهود أو مواثيق مبرمة مع غير اليهود حيث تنص توراتهم المحرفة على عدم الحرج من ذلك معتبرين أن صلاة الغفران في كل عام تحط عنهم خطاياهم التي اقترفوها، والمواثيق التي نقضوها، وإذا كان عدونا يلتف حول عقيدة باطلة محرفة فالأجدر بنا نحن أن نلتف حول ديننا الحق وأن نعتزَّ بشريعتنا السمحة وعقيدتنا الغرَّاء، ولا بد للمسلمين ايضاً أن يتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فهما مصدر عزتنا وسر هدايتنا وسبب فلاحنا في الدنيا والاخره، كما قال رسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي).
  ففهم طبيعة العدو وحقيقة الصراع  معه  هي الخطوة الأولى نحو القدس وفلسطين.


ا لمحطة الثانية : القائد الرباني

 إن الطريق نحو القدس وفلسطين يتطلب من ثورات الربيع الإسلامي أن تفرز قائداً ربانياً مخلصاً يحمل همَّ الأمَّة وهمَّ مقدساتها، فالطريق نحو القدس وفلسطين لا يكون عبر عبيد الدنيا وعبَّادها، فلابد من تحرير قادة الأمَّة من التبعية لطواغيت الأرض، وعدونا يعلم جيداً أنَّ نهاية كيانه يكون عند ظهور قادة في العالم الإسلامي يعتزون بدينهم، ويتمسكون بكتاب ربهم، ويؤمنون أن الإسلام مصدر عزِّهم، وأن ما دونه ذل وهوان.

فالمطلوب من الأمَّة الإسلامية أن تعيد صياغتها من جديد وأن تنفض عن نفسها غبار التبعية والجبن، وأن تفرز قائداً ربانياً كعمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل القدس فاتحاً وهو يقول: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزَّة بغيره أذلنا الله". أو كصلاح الدين الأيوبي الذي تربى على حب الاقصى والقدس وفلسطين، فحمل الأمانة صغيراً، وفتح الله على يديه كبيراً، فطهر مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم من دنس الصليبيين فخلد الله اسمه بين الفاتحين، ورفع ذكره في العالمين.

المحطة الثالثة: وحدة الامه

إن الطريق إلى القدس وفلسطين يمر عبر وحدة الأمَّة حول قيادة واحدة، وراية واحدة، وهدف واحد، فظاهرة صلاح الدين الأيوبي في تحرير بيت المقدس لابد أن نتوقف عندها وقفة تأمل ودراسة وتحقيق؛ حيث أثبتت هذه التجربة الصادقة أن وحدة الأمة سبيل الانتصار والتمكين، ولابد أن تترك هذه التجربة أعظم الأثر على حياتنا وإعدادنا واستعدادنا لمحو ما لحق بالأمة من ذل وهوان خلال السنين الماضية.
لقد تجرَّأ الصليبيون على الأمة ومقدساتها حين تفرقت إلى شيع ودويلات، واختلفت فيما بينها وتناحرت وتحاربت، فانتهك الأعداء الحرمات، وهدروا الكرامات، وسلبوا ودنسوا المقدسات؛ حتى أصبح المسلمون في القرن الثاني عشر أذلة تحت نير الاحتلال الصليبي يبكون على ماضيهم، ويندبون حاضرهم، وبقي حال الأمة كذلك حتى قام صلاح الدين الأيوبي ليعيد الثقة لهذه الأمة التي وجدت لتبقى، ولتبقى رسالتها هي الرسالة السائدة وشريعتها هي الحاكمة، فوحد الدويلات، وجيش الجيوش، بعد أن أيقن أن الصليبيين لن يتركوا أراضي المسلمين إلا بحد السيف، وأنَّ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة .

لقد استعاد اليهود اليوم الدور الصليبي باحتلال البلاد، وإذلال العباد، واجتثاث شعب فلسطين من أرض الآباء والأجداد، إنهما صورتان طبق الأصل، الصورة الأولى التقطت في القرن الثاني عشر الميلادي، والصورة الثانية التقطت في القرن العشرين والحادي والعشرين.

فالصورة الأولى استأسد فيها الغرب على العرب والمسلمين المختلفين والمتفرقين، وفي الصورة الثانية استأسد اليهود عليهم ، والمسلمون في نفس الظروف والأحوال الأولى، وفي الحالتين كانت الشعوب مغلوب على أمرها تنتظر وحدة الأمة، ووحدة القيادة، وتنتظر ربيعاً إسلامياً يبزغ فجر الإسلام معه من جديد.

المحطة الرابعة :الجهاد في سبيل الله

فالطريق إلى القدس وفلسطين يمر عبر الجهاد في سبيل الله، الذي سيعيد للأمة الأمل بعد اليأس، والقوة بعد الوهن، والكرامة بعد الذلة والاستسلام، والعزيمة بعد التواكل، فمهما طال الزمان، وكثرت العقبات، وعظمت التضحيات، فنصر الله قادم، ووعد الله نافذ، بعز عزيز أو بذل ذليل، فهو الذي وعد عباده المؤمنين بالنصر فقال سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ " }سورة محمد : 7{.

فالكيان الصهيوني الغاصب كيان مصطنع، وزواله مرهون بانتقال الصراع من المستوى القومي إلى المستوى الإسلامي، الذي سيؤدي حتماً إلى استئصال واختناق وذوبان هذا الكيان المسخ، ولقد حرص اليهود والغرب منذ احتلال فلسطين والمسجد الاقصى على اعتبار هذه القضيه فلسطينية صهيونية وسلخ القضيه عن عمقها الاسلامي، وقد نجحوا في ذلك ولكن كلمة حق لا بد أن اقولها في مؤتمركم الموقر وهي أن عقد مؤتمر دولي في إندونيسيا الشقيقه حول تحرير القدس وفلسطين يساهم في نقل القضيه من المستوى القومي الى عمقها الاسلامي لأن قضية القدس والأقصى وفلسطين قضية إسلامية،و لأن المسجد الأقصى ملك للمسلمين جميعاً في شتى أنحاء المعمورة، وهذه الخطوة المباركة التي خطوتموها يامن تقومون على هذا المؤتمر هي خطوة مباركة على  طريق تحرير القدس وفلسطين، فلابد للمسلمين جميعاً أن يدعموا صمود الشعب الفلسطينى، وجهاده بكل صور الدعم لمواجهة التحديات الصهيونية في كافة المجالات كمحاولة تهويد القدس، والحفريات، وإقامة الهيكل المزعوم، ومصادرة الأحياء العربية، وهدم بيوت المقدسيين، وإبعادهم خارج المدينة المقدسة، ومنع الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى.

 فدعم الأمة الإسلامية للشعب الفلسطيني في هذه الأيام ليس كافياً لتحرير القدس وفلسطين بل يجب على الأمة الإسلامية أن ترفع راية الجهاد في سبيل الله وذلك ما يؤرق الكيان الصهيوني وينذر بزواله كما  يقول شمعون بيرس رئيس دولة الكيان الصهيوني: إنه لا يمكن أن يتحقق السلام في المنطقه ما دام الاسلام شاهراً سيفه، ولن نطمئن على مستقبلنا حتى يغمد الاسلام سيفه وإلى الأبد.

أيها الإخوة الكرام والأخوات الكريمات : لقد كانت القدس وفلسطين عبر العصور الماضيه حلبة للصراع بين الحق والباطل، وميداناً من ميادين الجهاد في سبيل الله ،وما زالت هذه البقعة المباركه ميداناً يتساقط فيه الشهداء، وتتطاير فيه الأشلاء، ويقدم فيه إخوانكم على أرض فلسطين أغلى ما يملكون من أعضائهم لتعلو راية الحق، وتنكسر شوكة الباطل.

إن أرض فلسطين التي سلبت من أحضان الأمة الإسلاميه بقوة السلاح؛ لن تعود إلا بالقوة، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها عدونا.

إن دينكم وعقيدتكم يفرضان عليكم يا أبناء الأمة أن تقفوا إلى جانب إخوانكم في فلسطين وقفة جادة، وأن تعينوهم على جهاد عدوهم وعدوكم فالقدس قدسكم، والأقصى أقصاكم، والمسرى مسراكم، وفلسطين أرض وقف إسلامي، وهي ملك للمسلمين جميعاً، وهي أمانة في اعناقكم.

كما اذكركم يا علماء الأمة، أن ما يزيد عن أربعة الآف مجاهد من أبناء الأرض المباركة فلسطين ما زالوا يقبعون في السجون والمعتقلات الصهيونيه، وفي ظروف قاسية، يفتقرون فيها إلى أدنى متطلبات الحياة الإنسانيه، يحاولون بين الحين والآخر أن يسمعوا أصواتهم لأصحاب الضمائر الحيه من أحرار هذا العالم ولأبناء أمتهم فيخوضوا معركة الأمعاء الخاوية لأيام كثيره حتى يشرف بعضهم على الموت، وهؤلاء الأسرى هم الذين قارعوا الإحتلال عبر السنوات الماضية ودافعوا عن المسجد الأقصى والذي هو مسجد المسلمين جميعاً  فأسرانا يا علماء الأمة ضحوا بمستقبلهم وقضوا في السجون والمعتقلات زهرة شبابهم، فهؤلاء لهم حق علينا جميعاً أن نفعل قضيتهم في جميع المحافل الدوليه، وأن يستنفذ المسلمون كل طاقاتهم في سبيل تحريرهم من الأسر، وكسر قيدهم، فتحرير هؤلاء الاسرى أمانة في أعناق المسلمين جميعاً ولو كلفهم ذلك الغالي والنفيس كما يقول الإمام العز بن عبد السلام: " إن إنقاذ أسرى المسلمين من أيدي الكفار من أفضل القربات عند الله، فإذا أسر الكفار مسلماً واحداً وجب علينا جميعاً أن نقاتلهم حتى نخلصه منهم أو نبيدهم، فما الظن إذا أسروا خلقاً كثيراً من المسلمين، ونحن نؤمن أن حل قضية الأسرى سيعزز قوة المجاهدين على الأرض وتكون خطوة هامه نحو تحرير القدس وفلسطين.

وأخيراً أقول: إن المشروع الصهيوني الغربي الذي مكِّن للدولة اليهوديه في فلسطين لا يستهدف الفلسطينيين وحدهم ولكنه مشروع يستهدف الأمة الإسلاميه كلها فقد تم زرع هذا الكيان في قلب العالم الاسلامي وفي موقع يفصل جناح العالم الاسلامي في آسيا عن جناحه الآخر في إفريقيا، ومن نعم الله على عالمنا الإسلامي أنه زاخر بالامكانيات الماديه والبشريه، وملئ بالثروات والخيرات، كما يزخر بالكثير من الكفاءات فينبغي على الأمة أن تتحرك لتحرير أقصاها وتطهير قدسها من دنس الغاصبين وإعادة فلسطين المباركه إلى خارطة العالم الإسلامي. 

فإن أخلصت الأَّمة في جهادها فلن يخذلها الله سبحانه وتعالى فهو الذي وعد بالنصر فقال سبحانه: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (الروم:47(

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

0 komentar:

Posting Komentar

  • RSS
  • Delicious
  • Digg
  • Facebook
  • Twitter
  • Linkedin
  • Youtube